حسن الظن بالنفس

موضوع: حسن الظن بالنفس السبت مارس 23, 2013 4:38 am

بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

حسن الظن بالنفس:

لما
تحدث الأفَّاكون في أمِّنا عائشة رضي الله عنها، واتهموها بما هي منه
براء، ونسبوها زورا إلى ما تأنف الحرة من فعله فكيف بكريمة الأحرار، وأم
الأطهار ، وزوجة النبي المختار، وقد اختارها رب العزة والجلال لصحبة نبيه
وفق القاعدة المقررة في الكتاب المبين (والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات
)، دار هذا الحوار بين أبي أيوب الأنصاري وزوجته أم أيوب .
قالت أم أيوب لزوجها أبي أيوب ( خالد بن زيد الأنصاري ): يا أبا أيوب أما تسمع ما يقول الناس في عائشة رضي الله عنها؟
قال : نعم . وذلك الكذب، أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب ؟
قالت: لا والله ما كنت لأفعله.
قال : فعائشة والله خير منك.
فقالت له : ولو كنت بدل صفوان ( الرجل الذي اتهمت به أمنا عائشة ) أكنت تظنّ بحرم رسول الله صلّى الله عليه وسلم سوءا.
قال: لا .
قالت : وصفوان خير منك .
ثم قالا : سبحانك هذا إفك مبين .
فنزل القرآن الكريم يخلد هذا الحوار الجميل الذي انطلق من أنفس نبيلة
كريمة، أحسنت الظن بنفسها أولا فكان إحسان الظن بالآخرين ( ولولا إذ
سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ، وقالوا : هذا إفك مبين ).
وهذه قاعدة شرعية جليلة، وفقهها في غاية الأهمية، فالرجل النقي الطاهر
الصدر والنفس، لا يظُن بالناس إلا خيرا، ويعتقد أن الناس جميعا مثله،
وكذلكم المرأة الصالحة العفيفة لا تستطيع أن تتصور من المرأة الدناءة
والفجور، وربما لا تصدق ذلك أبدا، ولذلك قالت هند بنت عتبة رضي الله عنها
لما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم البيعة على النساء بعدم الزنا ( أو تزني
الحرة يا رسول الله؟؟ )، فكانت لا تتصور أن تقع المرأة الحرة في الزنا ،
والعكس صحيح أيضا فمَن كان فاجرا ظن في الناس الفجور، ونظر إليهم بعين
الريبة والشك، لا يصدق أحدا ولا يأمن شخصا، ويظن أن الناس جميعا على
شاكلته، وهو المعنى المشار إليه في الحديث ( من قال هلك الناس فهو
أهلكُهم)، وودت الزانية لو أن النساء جميعا زنين ، وفي محكم التنزيل :
(ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء) ..تلك هي خبيئة النفوس فاحفظوها.
وفي واقعنا الاجتماعي كم انهدمت من نفوس تقية محصنة غافلة لا تحسن حتى
التفكير في الفجور، بقالة سوء صدرت من إنسان لا يعرف معنى إحسان الظن
بالناس، أو من نفس حاسدة لا ترغب في الخير للآخرين :
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه = فالناس أعداء له وخصوم
أو
كضرائر الحسناء قلن لوجهها = حسدا وبغيا : إنه لدميم
فلنتعلم سلامة الصدر من الأغراض الخبيثة حتى تسلم نياتنا اتجاه إخواننا ..
فأحسن الظن بنفسك تحسن الظن بإخوانك ..نسأل الله أن يجعلنا في سلامة صدورنا كأبي ضمضم رضي الله عنه .

[b]الطاهر سرايش

[/b]