بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
قال حاتمٌ الأصمُّ: مَنْ خلا قلبُه من ذكر أربعة أخطار، فهو مغترٌّ، فلا يأمن الشقاء:
الأوَّل: خطرُ يوم الميثاق حين قال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي، فلا يعلم في أيِّ الفريقين كان.
والثاني: حين خلق في ظلمات ثلاث، فنودي الملك بالسعادة والشَّقاوة، ولا يدري: أمن الأشقياء هو أم منَ السعداء؟.
والثالث: ذكر هول المطلع، فلا يدري أيبشر برضا الله أو بسخطه؟.
والرابع: يوم يَصدُرُ الناس أشتاتاً، ولا يدري، أيّ الطريقين يُسلك به.
هل تخاف من النفاق؟
ومن هنا كان الصحابة ومَنْ بعدهم منَ السَّلف الصالح يخافون على أنفسهم النفاق ويشتد قلقهم وجزَعُهم منه.
فالمؤمن
يخاف على نفسه النفاقَ الأصغرَ، ويخاف أنْ يغلب ذلك عليه عندَ الخاتمة،
فيخرجه إلى النفاق الأكبر، كما تقدم أنَّ دسائس السوء الخفية تُوجِبُ سُوءَ
الخاتمة.
وقد كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُكثرُ أنْ يقول في دعائه: (يا مقلِّب القلوب ثبتْ قلبي على دينكَ) فقيل له: يا نبيَّ الله آمنا بك وبما جئتَ به، فهل تخافُ علينا؟ فقال: (نعم، إنَّ القُلوبَ بينَ أصبعين منْ أصابع الله - عز وجل - يُقلِّبها كيف يشاء) خرّجه الإمام أحمد والترمذي من حديث أنس.
احذر أربعة أمور:
قال الحسن: أربعٌ من كُنَّ فيه عصمه الله من الشيطان، وحرَّمه على النار: مَنْ ملك نفسَه عندَ الرغبة، والرهبة، والشهوةِ، والغضبِ.
قال ابن رجب: فهذه الأربع التي ذكرها الحسن هي مبدأ الشرِّ كُلِّه.
1 -
فإنَّ الرغبةَ في الشيء هي ميلُ النفس إليه لاعتقاد نفعه، فمن حصل له
رغبةٌ في شيءٍ، حملته تلك الرغبة على طلب ذلك الشيء من كل وجه يَظُنُّه
موصلاً إليه، وقد يكون كثير منها محرماً.
2 - والرهبة: هي الخوفُ من الشيء، وإذا خاف الإنسان من شيء تسبب في دفعه عنه بكلِّ طريق يظنه دافعاً له، وقد يكون كثير منها محرَّماً.
3 - والشهوة: هي
ميلُ النفس إلى ما يُلائمها، وتلتذُّ به، وقد تميل كثيراً إلى ما هو
محرَّم كالزنا والسرقة وشرب الخمر، بل وإلى الكفر والسحر والنفاق والبدع.
4 - والغضب:
هو غليانُ دم القلب طلباً لدفع المؤذي عندَ خشية وقوعه، أو طلباً للانتقام
ممن حصل له منه الأذى بعدَ وقوعه، وينشأ من ذلك كثيرٌ من الأفعال المحرمة
كالقتل والضربِ وأنواعِ الظلم والعُدوان، وكثيرٍ من الأقوال المحرَّمة
كالقذفِ والسبِّ والفحش، وربما ارتقى إلى درجة الكفر.
أخطر الجوارح!:
قال ابن القيم: ومن العجب:
أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنا والسرقة وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك.
ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه.
حتى
ترى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط
الله لا يلقي لها بالا ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق
والمغرب
وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي ما يقول.
خطر النار:
قال يحيى بن معاذ: مسكين ابن آدم لو خاف من النار كما يخاف الفقر لدخل الجنة.
الكتاب: دروس تربوية من الأحاديث النبوية
المؤلف: أبو عبد الملك خالد بن عبد الرحمن الحسينان .